مقالات وبحوث
غياب الحكومة وحسم الخلاف
بقلم : مشاري جاسم العنجري
يثار كثيراً موضوع الخلاف المستمر منذ عشرات السنين حول تفسير المادة 116 من الدستور، التي تنص في نهايتها: «ويجب أن تمثل الوزارة (أي الحكومة) في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها».
وقد بيّنت رأيي في هذا الموضوع في مضبطة مجلس الأمة لجلسة يوم 17-11-1981 في أول سنة من عضويتي في مجلس الأمة، وأكدت هذا الرأي بتصريح لي نشر في القبس في 21-3-2010.
وتحدّث وكتب كثيرون عن هذا الموضوع، منهم رؤساء وأعضاء مجلس الأمة، وعدد من المتخصصين في القانون، وغيرهم من أفراد المجتمع بين مؤيد ومعارض، فهناك فريق يرى أن حكم المادة 116 هو خطاب موجه إلى الحكومة بوجوب أن تمثّل برئيسها أو بأحد وزرائها، ولا يترتب على غياب من يمثلها بطلان الجلسة لعدم صراحة النص في بطلانها، وإنما تقع عليها المساءلة عن سبب عدم الحضور، وذلك انسجاماً مع حكم المادة 97 من الدستور، التي تشترط لصحة انعقاد المجلس حضور أغلبية أعضائه، من دون الإشارة إلى الوزراء كونهم أعضاء في المجلس بحكم الدستور.
ويرى فريق آخر أن وجوب حضور من يمثل الحكومة في كل جلسات المجلس، كما جاء في المادة 116 من الدستور، هو ضروري لصحة انعقادها، وإلا سيترتب على الغياب بطلان الجلسة، وهو الرأي الذي سار عليه مجلس الأمة حتى الآن.
ومن المعلوم أن الحل المباشر لهذا النزاع في الرأي يكمن في الذهاب إلى المحكمة الدستورية، التي هي صاحبة الشأن في فض هذا الخلاف والاختلاف في الفهم والتفسير، إذا ما تقدّم للمحكمة أي من المجلس أو الحكومة بطلب تفسير النصوص الدستورية المتعلقة بذلك.
ومع التقدير الكامل للرأيين المذكورين، وحتى لا نذهب بعيداً في الخلاف والاختلاف، فإنه في نهاية المطاف تقع مسؤولية علاج موضوع غياب الحكومة عن أي جلسة من جلسات مجلس الأمة على عاتق نواب المجلس في ظل أي من التفسيرين المذكورين لحكم المادة 116 من الدستور، وذلك من خلال مساءلة رئيس مجلس الوزراء عن سبب الغياب وعدم الالتزام بحكم المادة 116 من الدستور. فإن كان غياب الحكومة عن الجلسة لسبب جوهري ومشروع كالاستقالة، أو متفقاً عليه مسبقاً، امتنعت المساءلة تقديراً لظرف الغياب.
وبذلك، نكون قد حسمنا الخلاف، ووضعنا الحل المناسب لعلاج هذه المشكلة – والله ولي التوفيق والسداد.