مقالات وبحوث
إنشاء مركز وطني لإدارة النفايات في الكويت
بقلم: الدكتور إسحاق أحمد الكندري
النفايات هي مواد المخلّفات والفضلات التي تنتج عن أنشطة الإنسان المختلفة من ورق، وأكياس نايلون، وعبوات كرتونية، وزجاجية، ومعدنية، إضافة إلى المخلفات الغذائية، والصناعية، والإنشائية. ومع ازدياد عدد السكان وحجم النفايات الصلبة الهائل التي ينتجها البشر ظهر ما يُعرف بمشكلة النفايات التي تعد أحد أهم المشاكل التي تواجه الدول في البيئة المعاصرة والتي تُعتبر مؤثراً سلبياً ومباشراً على تدهور البيئة. وفي الآونة الأخيرة تفاقمت مشكلة النفايات بسبب حدوث التطور الزراعي والصناعي لتصبح بذلك مشكلة التخلص من النفايات مشكلة كبيرة وملحة تتطلب مواجهتها الكثير من الجهد والمال على المستوى العالمي والإقليمي. وقد لاقت مشكلة النفايات الدعم والاهتمام من قبل العلماء وأصحاب القرار والرأي العام وإدارة المجالس البلدية بسبب الزيادة الكبيرة في كمياتها وضيق رقعة الأرض مقارنةً بحجم النفايات الصلبة مما أدّى إلى حدوث تلوث بيئي واستنزاف المصادر الطبيعية، وازدياد الوعي البيئي والكوارث الناتجة عن المعالجة الخاطئة لهذه النفايات والتبعات السلبية على الصحة العامة. وتُعدّ عملية جمع النفايات وفرزها بأنواعها الخطوة الأولى في إدارتها عن طريق نقلها إلى أماكن مخصصة ليتم التخلص منها ، ويجب أن تتم عملية التخلص من النفايات بطرق صحية وفعّالة دون إحداث روائح أو غبار أو تناثر للنفايات في الشوارع أثناء نقلها. وتعتبر دولة الكويت من أعلى الدول الخليجية نسبة في توليد النفايات الصلبة مقارنة بعدد السكان حيث يتخطى معدل النفايات إلى 7 آلاف طن يوميا، وينتج الفرد الواحد يوميا حوالي 1.4 كيلوغرام من النفايات المكدسة دون الاستفادة منها، اضافة الى استمرارية الطرق البدائية المستعملة في التخلص من هذه النفايات الصلبة التي لا تستطيع استيعاب كميات كبيرة من النفايات. وبالرغم من صغر مساحة دولة الكويت الا انه يوجد عدد كبير من المرادم المنتشرة بكثرة فهناك 18 عشرة موقعا لردم النفايات، 14 منها مغلقة مثل مردم جليب الشيوخ ومردم القرين وذلك لأسباب عديدة مثل أعمال الصيانة أو عدم اختيار المكان المناسب لردم النفايات وقربها من المناطق السكنية، و4 مواقع مازالت مستعملة في الجهراء وميناء عبدالله والسابع الجنوبي، ومازالت تستخدم طريقة بدائية في عملية التخلص من النفايات عن طريق الردم العادي كون هذه المواقع كانت في الأصل دراكيل انتهى العمل بها وتم استغلالها من قبل البلدية لأعمال ردم النفايات، ولم تكن مجهزة بالأساس كمواقع ردم صحية. لذلك فإن مرادم النفايات في الكويت هي خطر محدق بالبيئة وصحة المجتمع بالإضافة إلى أن تكديس النفايات الصلبة يحمل كارثة بيئية نتيجة للردم الخاطئ لتلك النفايات والذي يتسبب في انبعاثات غازات سامة وروائح كريهة وربما نشوب بعض الحرائق التي تؤثر سلبا على البيئة وكذلك الحياة الصحية للساكنين بالقرب من مواقع مرادم النفايات. ومع زيادة النمو السكاني والتوسع العمراني والحاجة لبناء شبكات الطرق وضعف التعامل السليم والخبرات وانتشار الغازات السامة وتلوث للمياه الجوفية لابد من معالجة النفايات الصلبة وفقا للمعايير والاشتراطات البيئية وتطبيق الأساليب والطرق الحديثة في معالجتها وإعادة تدويرها والاستخدام الأمثل لمخرجاتها المفيدة للإنسان والصديقة للبيئة والطاقات البديلة والمتجددة لتقليل الاعتماد علي تلوث الغازات من الوقود الأحفوري ومصدر الطاقة الوحيد وتوفير مساحات للمناطق الخضراء والمساكن ولها القدرة علي استيعاب الكميات الكبيرة من النفايات للحفاظ علي حياة وصحة السكان في البلاد. ومازال مشروع تصميم وتنفيذ موقع ردم صحي لنفايات البلدية الصلبة ومرافقه في منطقة كبد معلقاً منذ عام 2017 بالرغم من إنجاز الدراسات الكاملة والمواصفات استعداداً لطرح تنفيذه، وفق المواصفات والمعايير البيئية والفنية العالمية لاستقبال النفايات البلدية الصلبة وفرزها، ومن ثم ردم المرفوض منها في خلايا الردم، ليتم التحكم بالغازات والمياه الراشحة وجمعها بطريقة سليمة وآمنة للاستفادة منها. لذلك نقترح إنشاء مركز وطني لإدارة النفايات وتسريع المشاريع الخاصة في إدارتها من جميع الجهات المعنية وتتكون من الكفاءات الوطنية ذوي الخبرة في شؤون البيئة والنفايات بمختلف أنواعها. ضمن رؤية تحقق إدارة نفايات مستدامة والعمل بمبادئ الاقتصاد الدائري للمساهمة في تعزيز حماية البيئة وجودة الحياة. وأهداف المركز الوطني هي: – تنظيم قطاع إدارة النفايات بفاعلية للارتقاء بجودة الخدمات عبر كامل سلسلة القيمة. – تعزيز الاستدامة الاقتصادية للقطاع من خلال تحفيز الاستثمار وتعظيم مشاركة القطاع الخاص. – الحد من التخلص من النفايات في المرادم من خلال تحفيز استخدام أفضل ممارسات تقنيات استرداد الموارد. – تعزيز الوعي العام بهدف الحد من إنتاج النفايات وتشجيع إعادة الاستخدام والتدوير. – تشجيع البحث والابتكار والمبادرات في مجالات إعادة الاستخدام والتدوير، تقنيات استرداد الموارد، والذكاء الاصطناعي المتعلق بإدارة النفايات. – تعزيز مستوى القدرات والكفاءات والمعرفة لدى القوي العاملة في القطاع. وعمل المركز لإدارة النفايات هي: * تنظيم إدارة النفايات والإشراف عليها، وتحفيز الاستثمار فيها والارتقاء بجودتها. * وضع مقاييس وضوابط واشتراطات فنية وتقنية لأنشطة إدارة النفايات وفق المعايير البيئية الدولية الحديثة * إصدار الرخص والتصاريح. * تحصيل المقابل المالي. * دراسة نماذج تمويل إدارة النفايات، ووضع قاعدة بيانات وطنية لهذه النماذج. * متابعة مبادرات وبرامج تنظيم إدارة النفايات، وتنفيذها. * إقامة البرامج التدريبية. ودمتم سالمين
المصدر : صحيفة الكويتية